تجربة ٣٠ يومًا بدون مواقع التواصل-30 Day Social Media Detox

بسم الله الرحمن الرحيم

(١)

في عام ٢٠١٤ و خلال دراستي في مرحلة الماجستير كنت ألاحظ تعلقي الشديد بأجهزتي الإلكترونية.. طبعًا سبب التعلق هو استخدامي المفرط لوسائل التواصل الإجتماعي بشراهه،و طبعًا بحكم إني كنت مغتربه فكان سناب تشات ماخذ وضعية تلفزيون الواقع، كل شي أصوره لأهلي و صديقاتي و أطلب منهم يشاركوني كل شي ..

في شهر يونيو اكتشفت إنه نص فترة ابتعاثي راحت بمعنى الكلمة و أنا ما أنجزت شيء يذكر في فترة الدراسة،و بدون مبالغة السبب إنه راسي في الجوال طول الوقت.. أروح حديقة أصور سناب و أحط بوست في الانستقرام و أكلم أهلي فيس تايم .. أروح كافيه نفس الشي، البريك بين المحاضرات، مشواري من البيت للسوبرماركت و العكس .. كنت دائمًا مشغولة

قررت بشكل مفاجئ إني أوقف السوشيال ميديا كلها باستثناء الواتس آب “عشان ماما ما رضيت تكتفي بالفيس تايم فقط”و أبدء أعيش الحياة بدون ما أشاركها و بدون ما أتابع أخبار الأمة كلها على مدار الساعة.. يعني قررت أجرب التغيير هذا و أشوف النتيجة بعد شهر..

طبعًا قبل ما أبدء كنت خايفة أكثر شي من الاستسلام اللي بيعني لي إني فشلت في التجربة لذلك حذفت التطبيقات كلها و عشان ما أضعف و أفتحها غلطت غلطة كبيرة و عملت deactivate   لكل الحسابات

ضيعت فولورز ومجهود سنين 😦 بس كنت بثبت لنفسي جديتي و التزامي

كانت الخطة مو بس إني أوقف عن السوشيال ميديا، كمان إني أدخل في روتيني أشياء بديلة عشان ما أحس بالملل و استسلم خصوصًا إني كنت لوحدي و كان التواصل الإجتماعي يعني لي كثير..

و كانت البدائل كالتالي:

• زدت حصص تحفيظ القرآن اللي كنت أقدمها في مسجد الجامعة للطالبات و حصص القاعدة النورانية اللي كنت أقدمها في مسجد مجاور من سكني للصغيرات
• خصصت يوم لتنظيف الشقة تنظيف شامل وعميق
• اشتريت روايتين باللغة الإنجليزية و قررت أخلصهم خلال هذا الشهر -طبعًا ما خلصتهم- 😦
• سجلت في ورشة عمل في كوفنتري و رحت قضيت يوم كامل هناك،شفت المدينة و تجولت فيها و حضرت ورشة العمل
• و طبعًا أهم شي إني ركزت على دراستي و بحوثي

 

الوضع كان كالتالي:

أول يوم كنت زي المدمنين اللي نشوف في المسلسلات ..كل شويه ألقى نفسي ماسكة الجوال و أدور على تويتر ولا سناب شات ..

خرجت للدوام و مريت أخذت قهوة.. أول شي سويته إني حطيتها على أقرب طاوبة عشان أصورها سناب و أكتب للي عندي صباح الخير أو أنا رايحة للدوام أو أي عبارة..و برضه تفاجأت إنه ما عندي ولا تطبيق

كنت أحس أول الأيام بملل عظيم و فعلًا كنت شبه مكتئبه..كانت سلوتي الوحيدة هي إني أكلم أهلي و أتواصل معاهم..

بعد اسبوع تقريبًا بدأت أتعود على الوضع ..

كنت جدًا حابه التغيير اللي لمسته..

• أصحى من النوم على الحمام على طول و انتوا بكرامة.. مافي شي أشيك عليه ولا أشوف اللي فاتني و أنا نايمة..
• أفطر و ألبس في وقت قياسي و مره استغربت من هذا الشي..ما توقعت إن الجوال أو الآيباد كانوا يأخروني أو ياخذون من وقتي حتى في الاستعداد
• خرجت تمشيت أكثر من مره.. كنت استمتع بالأشياء لوحدي و انبسط فيها بكل تفاصيلها
• ما سار عندي قلق شحن الأجهزة و البطاريات الخارجية قبل النوم
• جوالي أشحنه في اليوم مره وحده بس بدون مبالغة، و طول فترة التجربة كنت مستغنية تمامًا عن الشاحن المتنقل
• صار عندي إحساس بالحرية و هذا أعظم شعور كسبته.. إيدي فاضيه مافي شي رابطني ولا مقيدني .. ما أكذب عليكم إنه أحيانًا إدمان استخدام الجوال يتحول لقيد و يربط الإنسان.. و الإدمان مراحل طبعًا

هذي التجربة ما كان مخطط لها ولا كنت ناوية أرجع بعد شهر .. لكن بمرور شهر .. كنت جدًا سعيدة بالنتيجة و إحساس الحرية اللي عندي و إني مو مدمنة على الجوال و ممكن أعيش من غيره بكل راحه ..

 

(٢) 

و في شهر رمضان اللي فات -١٤٣٧- قررت أعيد التجربة لنفس الأسباب اللي فوق و زيادة عليها الأسباب التالية:

• ماما تُستفز مني مع كل سنابه أصورها لأسباب كثيرة تشبه أسباب معظم الأمهات : عين-حسد-الناس بتقول عنك مفجوعه-ما خليتِ شي ما صورتيه -ما عاد فيه خصوصية ..إلخ
• أُرهِقت من تويتر و توجهي التعليمي فيه .. كل يوم أكثر من ٦ رسائل خاصة أرد عليها رد مطول مفصل مع روابط أحيانًا..و لأن هذا الشي مره أحبه و أنبسط و أنا أسويه قلت لازم آخذ بريك عشان ما أطفش منه
• كنت أبغى أثبت لنفسي إني أصور حبًا في التصوير و حبًا في مشاركة لحظاتي الحلوة قبل المرةمع صديقاتي و أهلي.. مو أصور نوع من الـShow off..

بمعنى إني أروح للمطعم الفلاني و أشتري القطعة الفلانية لأنها عاجبتني مو لأنه عندي سناب شات و بصورها للناس..و هذا الشي كان مهم جدًا بالنسبه لي إني أثبته لنفسي

لأن النبي صلى الله عليه وسلم حذر و نهى عن ثوب الشهرة في الحديث.

..قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من لبس ثوب شهرة في الدنيا، ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة” رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والنسائي

• عدد الكتب اللي أقراها بدأ يقل أو لينا نقول تقدمي في القراءة صار بطيء
• التسويف عندي صار عالي جدًا .. يعني أفضل إني أنسدح و أتفرج أو أجلس على تويتر أو أتكلم في سناب على إني أكمل كتاب بدأته أو أسوي شغلة مؤجلة..
• أي خطة خروج مفاجأة كنت أول شي أشوف شحن جوالي كم ؟ و يمديني أشحنه أو لا ، و هذا الشعور كان مزعجني جدًا
• شهر رمضان كان فرصة مثالية للإختلاء الروحي بالنفس.. و إعادة الحسابات

 

الخطة هذي المرة كانت أبسط و أسهل في التطبيق لأني قد جربت الموضوع من قبل ..ما حذفت التطبيقات، اكتفيت فقط بإني أسجل خروجي منها

بس برضه أول يوم كان صعب..خاصة إذا اللي حولي كلهم مثلًا  تكلموا عن فلتر جديد أو لايف دولة معينة و أنا ما أعرف شيء عن الموضوع

البدائل هذي المره كانت مختلفة عن المره اللي فاتت و أقل تنوعًا للأسف ..

• طبق يومي أشارك به سفرة الفطور ..وفعًلا ما انتهى الشهر إلا و أنا عاملة ٢٩ طبق
• قراءة تفسير القرآن بدل الإكتفاء بقراءة القرآن دون فهم المعاني العميقة فيه
• إنهاء كتابين إلى ثلاثة كتب على الأقل
• ماسكات شعر و جسم يوم بعد يوم
• تواصل بشري أقل .. تواصل مع الله أكثر

خلال الثلاثين يوم..

كان عندي إحساس إني محتاجة أكتب .. تجاهلته أول يومين بعدين بدأت بالفعل أكتب ..و خرجت بخواطر لطيفة إن صحّت تسميتها بخواطر..

نفسي أشارككم فيها بس ما بتفهمون شيء منها، لأنها كتابات مني لي، ما تكلفت فيها ولا حاولت أبسطها لأحد .. لذلك حبيتها و حسيتها كانت مصدر تفريغ كل المشاعر اللي كانت تجيني خلال الفترة سواء إيجابية أو سلبية..

استغليت فرصة الرغبة في الكتابة و لخصت كم كتاب قرأتهم و إن شاء الله إذا ربي أراد أنزلها في المدونة ممكن تفيد أحد..

 

نجي الآن لإيجابيات و سلبيات التجربتين و اللي ممكن أكون كتبتها بين السطور أعلاه:

الإيجابيات

• تحسن في أداء العبادات وقرب من الله أكثر -و أسأل الله القبول و إخلاص النيه
• إحساس جميل بالحرية و الابتعاد عن القيود
• استفادة من الوقت بشكل كبير و مثمر
• إنجاز المهمات بشكل أسرع وبدقة أعلى
• خلال التجربتين عرفت مين هما الناس اللي ما يستغنوا عن وجودي في يومهم.. أوكي الكل حبيب و صاحب بس مو الكل صديق
• رجعت لمكالمات التلفون اللي هجرتها من فترة طويلة و لو إني ما أفضلها حقيقة لكن يبقى لها طعمها
• قرأت كتب أكثر
• عرفت إيش أهدافي من استخدام مواقع التواصل الإجتماعي باختلافها
• عرفت إني مو مدمنة جوال ولا مدمنة سناب شات ولا غيرهم و إنه عندي القدرة على التخلي عنهم في أي وقت وبدون أي ضرر نفسي
• اعتبرتها فترة نقاهه جلست فيها مع نفسي و طلعت فيها بقرارات كثيرة و أهداف كثيرة
• عارفين لمن نروح مكان حلو ونحس إنه نبغى نشارك الجمال هذا في كل مكان عشانه شي مره حلو و بنفرح لو وصلناه لغيرنا؟ شعور حلو و يدل على روح حلوه..بس شعور مرهق لأنك بتحس الفرحة ناقصة إذا ما شاركتها مع الكل أو شفت رأي الناس عليها .. وهذا الإحساس الحمدلله تخلصت منه خلال فترة النقاهه 🙂
• و أخيرًا .. عرفت إن الموضوع لا يعدو كونه اختبار تحكم في النفس و الحمدلله نجحت فيه

السلبيات

• الناس حولي ما كانت تشجع على الموضوع و كانت تتنبأ لي بفشل التجربة في أول أيامها
• الإحباط النفسي اللي مريت فيه أول الأيام كان مزعج .. لكن صدقوني you will get over it
• عرفت إنه تواصلنا مع كل شخص نعرفه، قريب أو صديق هو عن طريق هذي المواقع و التطبيقات ومع اختفائها بتنقطع أخبارهم
• حسيت بإحساس كبار السن و الأطفال و الإهمال اللي يتعرضوا له و على أساس هذا الإحساس المزعج اتخذت قرار بعدم استخدام الجوال عندهم حتى و إن كان لديهم ما يشغلهم
• إني حذفت بعض حساباتي في ٢٠١٤ :”(

 

حبيت أكتب تجربتي و أشارك الكل فيها لأني مؤمنه إنه ديتوكس مهم عشان نتخلص من سموم التواصل الإجتماعي المضرة اللي ما صرنا ننتبه لضررها مع الأيام..

باختصار هي فترة نعيد فيها ضبط المصنع .. أنصح الكل يجربها

مو لازم تكون شهر .. ممكن اسبوع و ممكن يوم و ممكن ساعات قليلة

بس في شهر ممكن تشوف النتائج بشكل أوضح و تاخذ قرارات بشكل جدي أكثر

لأنه كل الكماليات في حياتنا وجدت عشان تزيدنا إنتاج، جمال،فعالية،فائدة،إيجابية .. مو عشان تخلينا مدمنين عليها و متعلقين فيها .. و الأسوء إنه البعض بدأ يعتبرها مصدر معلومات !!

أخيرًا: كنت أحسب إني أول وحدة في الحياة تعتزل مواقع التواصل الإجتماعي لفترة .. عشان كذا كنت مرة متحمسه أنقل تجربتي،لكن تفاجأت إنها طريقة معروفة عند الكل خصوصًا في المجتمع الغربي

و هنا روابط يوتوب لكم تجربة ناجحة :

 

و طبعًا ما أقدر أنسى تيدكس و ناس تيدكس الرهيبين

و بس و الله..

أتمنى أشوف آرائكم عن الموضوع و تجاربكم – إن وجدت-

 

شكرًا إنكم تحملتوا كلامي الكثير و إن شاء الله إنه كان مفيد لكم